- ترامب يعلن عن قادة العرب الجدد والشرق الأوسط الجديد وتهميش مصر والعراق
كانت زيارة الرئيس الأمريكي لدول الخليج ناجحة على المستوى المادي لخزينة بلاده، لأن الجابي ترامب نجح في تحصيل ما يقارب من 3 تريليونات دولار من السعودية والإمارات وقطر في 4 أيام.
وتفاخر الجابي الأمريكي خلال زيارته الخليجية بحصوله على استثمارات ضخمة تفوق 10 تريليونات دولار في 3 أشهر، في حين أن إدارة بايدن السابقة لم تحصل على نصف تريليون دولار في 4 سنوات.
الجابي الأمريكي جاء لتحصيل الجباية أو الجزية، فسبحان مغير الأحوال كان أهل الجزيرة العربية في زمن الخلافة الإسلامية يتحصلون على الجزية من أهل الذمة (مسيحيين ويهود وغيرهم من الديانات) لتعيش منها تحت ستار حماية الرعية وتوفير الخدمات، والآن تغير الحال وأصبحت هي من تسدد الجزية لينتعش اقتصاد الجابي الذي تفاخر وهو وسط الخليج بأن بلاده تحمي الشرق الأوسط وستحميه.
زيارة الجابي حققت أهدافها حصل على تريليونات الدولارات لتعزيز اقتصاد بلاده، واستثمارات عسكرية لتشغيل مصانع السلاح وتعويض خسائرها نتيجة دعمها لإسرائيل وأوكرانيا على مدى 3 سنوات، وكذلك دعم وتطوير قدرات قواعده العسكرية بدول الخليج، وذلك ما قاله الجابي "وقعنا اتفاقية مع قطر لتدبير الاحتياجات العسكرية لتطوير قاعدة العيديد باستثمار 9 مليارات دولار"، وبالقطع سينطبق ذلك على باقي القواعد.
الجابي بزيارته للعواصم الثلاثة أبو ظبي والرياض والدوحة يعلن تنصيبهم أعمدة وقادة للخيمة العربية بديلاً عن الأعمدة الأولى، وذلك بعد إفراغ العراق من قوتها السياسية والاقتصادية والعسكرية، واحتلالها أمريكيا بقواعده العسكرية.. وتسليم سوريا لتنظيم إرهابي موالي وراضخ لأعمدة الخيمة الجديدة، وقانع يطالب بالتطبيع مع إسرائيل.. وغرق مصر في مشاكلها الاقتصادية وتوترات حدودها وسد النهضة وكلها مشاكل دبرت وصنعت بمعرفة أعمدة الخيمة الجديدة وتركيا وإسرائيل وأمريكا، لإضعافها حتى أصابها الوهن نتيجة لثقة القاهرة في الاخوة.
عملية التنصيب وضحت بتجاهل دعوة مصر والعراق لحضور القمة الخليجية الأمريكية كما حدث خلال زيارة الجابي ترامب للمنطقة في ولايته الأولى، كما لم يأت ذكرهما من قريب أو بعيد.
من الأهداف المحققة لزيارة الجابي، إعلانه عن شرق أوسط جديد وحمايته، ومنح شارة القيادة للسعودية وتركيا وإسرائيل، وذلك كان واضحا في حديثه بالرياض عن دور كبير للسعودية في المنطقة خلال الفترة القادمة، ومنحها حق اختيار الوقت المناسب للانضمام للاتفاقيات الإبراهيمية (بمعنى أدق التوقيع والإعلان الرسمي) وأنه قرر رفع العقوبات عن سوريا بناء على طلب ولي العهد السعودي والرئيس التركي، الذي عقد معه اجتماعاً رباعيا عبر الفيديو كونفراس بحضور ولي العهد السعودي والرئيس الانتقالي لسوريا، كما ذكر الجابي في أحاديثه بالرياض الرئيس التركي وإعجابه به وبصداقته وصداقة بن سلمان.
** إيران قوة بلا أنياب نووية
الشرق الأوسط الجديد سيشمل إيران أيضاً، التي سيكون لها دور على الأطراف الآسيوية للشرق الأوسط، والإبقاء على قوتها لتكون عينا حمراء لدول الخليج حتى تتمكن أمريكا من هيمنتها بقواعدها على المنطقة البترولية، وكذلك تحقيق توازن عسكري أمام تركيا.. وذلك وضح بقول الجابي في الدوحة "أريد أن تصبح إيران دولة كبيرة، لكن بدون امتلاك سلاح نووي"، وذلك لضمان القوة النووية لدى إسرائيل التي تمتلك ترسانة نووية غير خاضعة للرقابة الدولية. كما وضح أيضا حرص الجابي في التشكيل الجديد للشرق الأوسط، تأكيد حرصه على السلام مع إيران دون الدخول في حرب معها بقوله "نحن جادون في الحوار مع إيران من أجل سلام مستدام، ولا نريد ان نذهب للخطوة الثانية، والتلويح بالتهديد".. وزيادة في تأكيد الحرص علة بقاء إيران قوية أنه طلب من أمير قطر التواصل مع طهران وإقناعهم بإبرام اتفاق، مدعماً الدور القطري بقوله "على طهران أن تشكر الأمير تميم الذي رفض توجيه ضربة قاسية لإيران على عكس أخرين، وهو بالتأكيد يقصد إسرائيل، التي طالب رئيس حكومتها ومعارضيه بذلك، في حين طالبت أعمدة الخيمة العربية الجدد، الجابي الأمريكي ـ وفقا لتقارير إعلامية إسرائيلية وأمريكيةـ التوصل لاتفاق مع إيران، وتجنب الحرب معها، لخطورتها على القواعد العسكرية وآبار البترول، وهو أمر مهم لواشنطن.
الخلاصة أن الجابي نصب المثلث الخليجي (قطر والسعودية والإمارات) قادة للمنطقة العربية.. وشارة قيادة الشرق الأوسط لإسرائيل وتركيا والسعودية، مع دور إيراني.
** المقاومة العربية وأمن إسرائيل
يبقى الموضوع الأهم في ملف زيارة الجابي، والذي تتفق عليه الإمارات والسعودية، ألا وهو المقاومة العربية واليتيمة غزة.. وذلك العنوان الرئيسي.
بعدما أطمأن الجابي بتحييد جماعة "أنصار الله" اليمنية بعدم التعرض للمصالح الأمريكية مقابل وقف الغارات على اليمن، وإن كان ذلك يغضب الرياض وأبو ظبي، ولكن لا يمكنهما الاعتراض، لأن معشر العرب اعتادوا على تطبيق "وأطيعوا الله، ورسوله وأولي الأمر".
وضح في كلمات ترامب، خاصة بالرياض تأكيده على نزع سلاح المقاومة والقضاء عليها وانضمام دول أكثر لاتفاقيات الإبراهيمية، لضمان أمن إسرائيل قطعاً، فلقد قال من الرياض "العلاقات الأمريكية الجيدة مع دول المنطقة مفيدة لإسرائيل"، ولقد ضمن انضمام سوريا للإبراهيمية، وقيام التنظيم الإرهابي الحاكم بتصفية المقاومة الفلسطينية وطرد قادتها من سوريا، ما عدا طبعاً حركة فتح، التي اتفق رئيس السلطة الفلسطينية مع لبنان وقائد التنظيم الحاكم على تصفية وسلب سلاح المقاومة لديهما.
في الرياض أشاد الجابي ترامب، بالرئيس اللبناني جوزاف عون ورئيس الوزراء نواف سلام، ووصفهم بالجيدين، وقال "لدى لبنان فرصة جديدة ليكون مزدهراً، وفي سلام مع جيرانه، بالتحرر من سطوة وقبضة حزب الله" لافتاً إلى أن السفير الأمريكي الجديد ببيروت، هو من أصول لبنانية وصديق له ويرغب في خدمة أمريكا، والخدمة قطعاً القضاء على حزب الله، وذلك ما يحاول تنفيذه الجيدون، والساسة الموالون لواشنطن وفرنسا وبريطانيا وإسرائيل وأعمدة الخيمة الجدد، ولقد أصبح الأمر واضحاً، مساعدة المبعوث الأمريكي للشرق الأوسط أورتاجوس التي تتولى الملف اللبناني، أبلغت الجيدين باللاءات الثلاثة ( لا وقف للعدوان الإسرائيلي اليومي على لبنان، لا إعادة إعمار، لا أموال لدعم الاقتصاد) إلا بعد نزع سلاح حزب الله، والتطبيع مع إسرائيل والدخول في حرم الإبراهيمية.. وزيادة في الضغط على لبنان والجيدين، ووفقا لوسائل إعلام لبنانية وأمريكية، فإن أورتاجوس ستزور بيروت نهاية الأسبوع المقبل، ومعها خارطة عمل إذا لم يلتزم بها، فلبنان مهدّدة بالعزلة، خاصّة بعد تقدم سوريا في ملف التطبيع، فقد ذكرت إحدى القنوات الإخبارية الإبراهيمية، يوم الخميس (15 مايو 2025) أن محادثات مباشرة بين مسؤول إسرائيلي وممثلين عن الحكومة السورية تمت في أذربيجان بحضور مسؤولين أتراك.
وتبقى اليتيمة غزة، التي قال عنها الجابي الأمريكي، قبل مغادرته الدوحة متوجها إلى الإمارات، أنه يتمنى تسليمها لأمريكا، فهو لديه أفكار جيدة جداً لها، ويواصل العمل الجاد بشأنها، لأنها أصبحت أرضاً للموت والدمار، والوضع الراهن فيها غير مقبول، والمواطنون يواجهون الموت، وهم يعيشون تحت الأنقاض، لأن المباني منهارة، في حين هي أرض حرة، وتولي واشنطن إدارتها سيحولها لأرض حرة".
ولم يفته تحميل حماس (باعتبارها الممثل الشرعي للمقاومة الفلسطينية والمتحدثة والمتفاوضة باسمها) مسؤولية قتل وتدمير غزة، وتجويع شعبها لسرقتها المساعدات التي تقدم للشعب الفلسطيني بالقطاع، لذلك على حماس (وبالقطع المقاومة) تسليم سلاحها والخروج من غزة، بعد تسليم الرهائن.
والواضح أن الخطة الأمريكية الإسرائيلية المدعومة من السعودية والإمارات، تهدف لتهجير الشعب الفلسطيني من قطاع غزة، لإخضاعه للانتداب الأمريكي، لتحويله لريفييرا الشرق الأوسط، كما قال ترامب في فبراير 2025، ولكن الأمر يتطلب تهجير 1.8مليون فلسطيني للدول المجاورة مصر والأردن، وهي الخطة التي بدأت إسرائيل تنفيذها، والمعروفة وفقا للإعلام الإسرائيلي باسم عملية "مركبات جدعون"، وبدأتها مع الدقائق الأولى لمغادرة الجابي ترامب، لأبوظبي ( عاصمة وعرابة الإبراهيمية) والتي تقوم على اجتياح عموم قطاع غزة ودفع سكانه نحو محافظة رفح ومن ثم مطار رامون، تمهيداً لتهجيرهم، وسائل الإعلام الإسرائيلية ذكرت أن ترامب أعطى الضوء الأخضر من الخليج لتنفيذ "مركبات جدعون".. لذلك ووفقا لما ذكرته صحيفة "معاريف" قامت قوات الاحتلال بشن غارات جوية على قطاع غزة بمعدل غارة كل 4 دقائق يوم الخميس (15 مايو 2025) ولفتت معاريف إلى أن وتيرة الغارات الحالية أعلى من تلك التي سجلت عشية العملية البرية في أكتوبر 2023.
خلاصة الأيام الأربعة.. الجابي الأمريكي في الخليج جاء لذبح غزة وأخواتها وصياغة شرق أوسط جديد وتعيين قادته، وتغيير القيادة العربية وجمع الأموال لإنعاش اقتصاد بلاده، وتطوير القواعد العسكرية بالمنطقة على حساب المستضيفين لها، وتوسيع رقعة الإبراهيمية بما يسمح بوجود محمية لإسرائيل، وتحقيق حلمه بريفييرا الشرق الأوسط في غزة.. وتهميش الدور المصري والعراقي والأردني التي تنتظر استقبال المهجرين الفلسطينيين، والتي تم شطبها من قائمة الحضور للموكب الترامبي.